وقال آخر: تعز عن الشيء إذا منعته، لقلة ما يصحبك إذا أعطيته، وما خفّف الحساب وقلله، خير مما كثره وثقله.
قال: وحدثنا أبو بكر الهذلي- واسمه سلمي- قال: إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل وطاب: إذا كان حلالا، وكثرت الأيدي عليه، وسمي الله تعالى في أوله، وحمد في آخره.
[خطبة كلثوم بن عمرو]
أما بعد فإنه لا يخبر عن فضل المرء أصدق من تركه تزكية نفسه، ولا يعبر عنه في تزكية أصحابه أصدق من اعتماده إياهم برغبته، وائتمانه إياهم على حرمته.
[خطبة يزيد بن الوليد]
قالوا: ولما قتل يزيد بن الوليد ابن عمه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، قام خطيبا، بعد أن حمد الله واثنى عليه، ثم قال:
والله يأيها الناس، ما خرجت أشرا ولا بطرا، ولا حرصا، على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما بي إطراء نفسي، وإني لظلوم لها، ولقد خسرت إن لم يرحمني ربي، ويغفر لي ذنبي، ولكني خرجت غضبا لله ولدينه، وداعيا إلى الله وسنّة نبيه، لما هدمت معالم الهدى، وأطفىء نور التقى، وظهر الجبار العنيد، وكثرت حوله الحزق والجنود، المستحلّ لكل حرمة، والراكب لكل بدعة. مع أنه والله ما كان يؤمن بيوم الحساب، ولا يصدق بالثواب والعقاب.
وإنه لابن عمي في النسب، وكفيي في الحسب. فلما رأيت ذلك استخرت الله في أمره، وسألته أن لا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من