أرميكم بطرفي: وأنتم تسللون لواذا، وتنهزمون سراعا. ثم يوم الزاوية، كان فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم عنكم، إذ ولّيتم كالأبل الشوارد إلى أوطانها، النوازع إلى اعطانها، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح، ووقصتكم الرماح. ثم يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم؟! به كانت المعارك والملاحم، بضرب يزيل الهام عن مقيلة، ويذهل الخليل عن خليله.
يا أهل العراق، الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات! إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم وخنتم وإن امنتم أرجفتم وإن خفتم نافقتم. لا تذكرون حسنة، ولا تشكرون نعمة. هل استخفكم ناكث، أو استغواكم غاو، أو استفزّكم عاص، أو استنصركم ظالم، واستعضدكم خالع إلا تبعتموه وآيتموه، ونصرتموه ورجبتموه.
يا أهل العراق، هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر إلا كنتم أتباعه وأنصاره. يا أهل العراق، ألم تنهكم المواعظ؟ ألم تزجركم الوقائع؟! ثم التفت إلى أهل الشام فقال: يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح «١» عن فراخه، ينفي عنها المدر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب. يا أهل الشام، أنتم الجنّة والرداء، العّدة والحذاء.
وقال رجل لحذيفة: أخشى أن أكون منافقا. فقال: لو كنت منافقا لم تخش ذلك.
وقال آخر: اعلم أن المصيبة واحدة إن صبرت، وإن لم تصبر فهما مصيبتان. ومصيبتك بأجرك، اعظم من مصيبتك بميتك.