للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[خطب ووصايا متخيرة]]

قال: قام شداد بن أوس «١» وقد أمره معاوية بتنقص علي، فقال:

الحمد لله الذي افترض طاعته على عباده، وجعل رضاه عند أهل التقوى آثر من رضا خلقه، على ذلك مضى أولهم، وعليه يمضي آخرهم. أيها الناس، إن الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قادر، وإن الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن السامع المطيع لله لا حجة عليه وإن السامع العاصي لله لا حجة له، وإن الله إذا أراد بالعباد صلاحا عمل عليهم صلحاؤهم، وقضى بينهم فقهاؤهم، وملك المال سمحاؤهم، وإذا أراد بهم شرا عمل عليهم سفهاؤهم، وقضى بينهم جهلاؤهم، وملك المال بخلاؤهم.

وإن من صلاح الولاة أن يصلح قرناؤهم. ونصح لك يا معاوية من أسخطك بالحق، وغشّك من أرضاك بالباطل.

قال: اجلس رحمك الله، قد أمرنا لك بمال! قال: إن كان من مالك الذي تعهّدت جمعه مخافة تبعته، فأصبته حلالا وأنفقته إفضالا، فنعم، وإن كان مما شاركك فيه المسلمون فاحتجنته دونهم «٢» ، فأصبته اقترافا «٣» ، وأنفقته إسرافا، فإن الله يقول في كتابه: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ.

وأذن معاوية للأحنف بن قيس، وقد وافى معه محمد بن الأشعث، ثم أذن له فقدمه عليه فوجد من ذلك محمد بن الأشعث، ثم أذن له فدخل فجلس بين معاوية والأحنف، فقال له معاوية: إنّا والله ما أذنّا له قبلك إلا ليجلس إلينا دونك، وما رأيت أحدا يرفع نفسه فوق قدرها إلا من ذلّة يجدها، وقد فعلت

<<  <  ج: ص:  >  >>