إنك لاق غدا غواة بني الملك ... اء فانظر ما أنت مزدهف
يمشون في البيض والدروع كما ... تمشي جمال مصاعب قطف «١»
فأبد سيماك يعرفوك كما ... يبدون سيماهم فتعترف
وكان المقنع الكندي الشاعر، واسمه محمد بن عمير، كان الدهر مقنعا.
والقناع من سيما الرؤساء. والدليل على ذلك والشاهد الصادق، والحجة القاطعة، أن رسول الله صلى صلّى الله عليه وسلّم كان لا يكاد يرى إلا مقنّعا. وجاء في الحديث:«حتى كأن الموضع الذي يصيب رأسه من ثوبه ثوب دهان» .
وكان المقنع الذي خرج بخراسان يدّعي الربوبية، لا يدع القناع في حال من الحالات. وجهل بإدعاء الربوبية من طريق المناسخة، فادعاها من الوجه الذي لا يختلف فيه الأحمر والأسود، والمؤمن والكافر، إن باطله مكشوف كالنهار. ولا يعرف في شيء من الملل والنحل القول بالتناسخ إلا في هذه الفرقة من الغالية. وهذا المقنع كان قصّارا من أهل مرو، وكان أعور ألكن.
فما أدري أيهما أعجب، أدعواه بأنه رب، أو إيمان من آمن به وقاتل دونه؟! وكان اسمه عطاء.
[[العمامة]]
وقال الآخر:
إذا المرء أثرى ثم قال لقومه ... أنا السيد المفضى إليه المعمّم
ولم يعطهم شيئا أبوا أن يسودهم ... وهان عليهم رغمه وهو ألوم
وقال الآخر:
إذا كشف اليوم العماس عن استه ... فلا يرتدي مثلي ولا يتعمم «٢»