اتقوا الله عباد الله، فكم من مؤمّل أملا لا يبلغه، وجامع مالا لا يأكله، ومانع ما سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصابه حراما، وأورثه، عدوا، فاحتمل أصره «١» ، وباء بوزره، وورد على به آسفا لاهفا، قد خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
[كلام هلال بن وكيع، وزيد بن جبلة والأحنف بن قيس عند عمر]
بشار بن عبد الحميد، عن أبي ريحانة قال: وفد هلال بن وكيع، والأحنف بن قيس، وزيد بن جبلة على عمر رحمه الله، فقال هلال بن وكيع:
يا أمير المؤمنين، أنّا لباب من خلفنا من قومنا، وغرة من وراءنا من أهل مصرنا، وإنك إن تصرفنا بالزيادة في أعطياتنا، والفرائض لعيالاتنا، يزد ذلك الشريف منا تأميلا، وتكن لذوي الأحساب أبا وصولا. فإنّا أن نكن مع ما نمتّ به من فضائلك، وندلي به من أسبابك، كالجدّ «٢» الذي لا يحلّ ولا يرحل، نرجع بآنف مصلومة وجدود عائرة. فمحنا «٣» وأهالينا بسجل من سجالك المترعة.
وقام زيد بن جبلة فقال: يا أمير المؤمنين، سود الشريف وأكرم الحسيب، وأزرع عندنا من أياديك ما نسد به الخصاصة، ونطرد به الفاقة فإنّا بقف «٤» من الأرض، يابس الأكناف مقشعّر الذروة، لا شجر فيه ولا زرع.
وإنّا من العرب اليوم إذ أتيناك بمرأى ومسمع.
وقام الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين إن مفاتح الخير بيد الله، والحرص قائد الحرمان. فاتق الله فيما لا يغنى عنك يوم القيامة قيلا ولا قالا، واجعل