لو أنني كنت من عاد ومن إرم ... ربيت فيهم ولقمان وذي جدن
وقال الآخر «١» :
ما لذة العيش والفتى ... للدهر والدهر ذو فنون
أهلك طسما وقبل طسم ... أهلك عادا وذا جدون
وأهل جاس ومأرب بع ... د حيّ لقمان والتقون
واليسر للعسر، والتغنّي ... للفقر، والحي للمنون
[[ذم فضول الكلام ومدح الصمت]]
قال: وهم وإن كانوا يحبون البيان والطلاقة، والتحبير والبلاغة، والتخلص والرشاقة، فإنهم كانوا يكرهون السلاطة والهذر، والتكلف، والإسهاب والإكثار، لما في ذلك من التزيد والمباهاة، واتباع الهوى، والمنافسة في الغلو. وكانوا يكرهون الفضول في البلاغة، لأن ذلك يدعو إلى السّلاطة، والسلاطة تدعو إلى البذاء. وكل مراء في الأرض فإنما هو من نتاج الفضول.
ومن حصّل كلامه وميزه، وحاسب نفسه، وخاف الإثم والذم، أشفق من الضراوة وسوء العادة، وخاف ثمرة العجب وهجنة النفج، وما في حب السمعة من الفتنة، وما في الرّياء من مجانبة الإخلاص.
ولقد دعا عبادة بن الصامت بالطعام، بكلام ترك فيه المحاسنة، فقال شدّاد بن أوس «٢» : إنه قد ترك فيه المحاسنة، فاسترجع ثم قال:«ما تكلمت بكلمة منذ بايعت رسول الله صلّى الله عليه وآله إلا مزمومة مخطوطة» .