للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ

. وذكر الذين قالوا من أشدّ منا قوة. ثم قال:

حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا فيها فلا يدعون ضيفانا، وجعل لهم من الضريح أجنان، ومن التراب أكفان، ومن الرفات جيران، فهم حيرة لا يجيبون داعيا، ولا يمنعون ضيما، إن أخصبوا لم يفرحوا، وإن أقحطوا لم يقطنوا، جميع وهم آحاد، وجيرة وهم أبعاد، متناءون لا يزارون ولا يزورون، حلماء قد ذهبت أضغانهم وجهلاء قد ماتت أحقادهم، لا يخشى فغعهم، ولا يرجى دفعهم، وكما قال جل وعز: فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ

. استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسّعة ضيقا، وبالاهل غربة، وبالنور ظلمة، فجاءوها كما فارقوها: حفاة عراة فرادى: غير أنهم ظعنوا بأعمالهم إلى الحياة الدائمة، وإلى الخلود الأبد. يقول الله: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ

. فاحذروا ما حذركم الله، وانتفعوا بمواعظه، واعتصموا بحبله. عصمنا الله وإياكم بطاعته، ورزقنا وإياكم أداء حقه.

[خطبة محمد بن سليمان يوم الجمعة وكان لا يغيرها]

الحمد لله. أحمده واستعينه واستغفره، وأومن به وأتوكل عليه، وأبرأ من الحول والقوة إليه. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. من يعتصم بالله ورسوله فقد اعتصم بالعروة الوثقى، وسعد في الآخرة والأولى. ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا.

أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يطيعه ويطيع رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويتّبع رضوانه، ويتجنب سخطه، فإنما نحن به وله. أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثّكم على طاعة الله، وأرضى لكم ما عند الله، فإن تقوى الله أفضل ما تحاثّ الناس عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>