الخصوم. وكان شيخا وقورا، وزمّيتا ركينا «١» ، وكان ذا تصرف في العلم، ومذكورا بالفهم والحلم.
[[مفهوم البلاغة عند الهند]]
قال معمّر، أبو الأشعث: قلت لبهلة الهندي أيام اجتلب يحيى بن خالد أطباء الهند، مثل منكة وبازيكر وقلبرقل وسندباد وفلان وفلان: ما البلاغة عند الهند؟ قال بهلة: عندنا في ذلك صحيفة مكتوبة، ولكن لا أحسن ترجمتها لك، ولم أعالج هذه الصناعة فأثق من نفسي بالقيام بخصائصها، وتلخيص لطائف معانيها.
قال أبو الأشعث: فلقيت بتلك الصحيفة التراجمة فإذا فيها:
أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة. وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش، ساكن الجوارح، قليل اللحظ، متخير اللفظ، لا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة ولا الملوك بكلام السوقة. ويكون في قواه فضل التصرف في كل طبقة، ولا يدقق المعاني كلّ التدقيق، ولا ينقح الألفاظ كل التنقيح، ولا يصفها كل التصفية، ولا يهذبها غاية التهذيب، ولا يفعل ذلك حتى يصادف حكيما، أو فيلسوفا عليما، ومن قد تعوّد حذف فضول الكلام، وإسقاط مشتركات الألفاظ، وقد نظر في صناعة المنطق على جهة الصناعة والمبالغة، لا على جهة الاعتراض والتصفح، وعلى وجه الاستطراف والتظرف. قال: ومن علم حق المعنى أن يكون الاسم له طبقا، وتلك الحال له وفقا، ويكون الاسم له لا فاضلا ولا مفضولا، ولا مقصرا، ولا مشتركا، ولا مضمّنا، ويكون مع ذلك ذاكرا لما عقد عليه أول كلامه، ويكون تصفحه لمصادره، في وزن تصفحه لموارده، ويكون لفظه مونقا، ولهول تلك المقامات معاودا. ومدار الأمر على أفهام كل قوم بمقدار طاقتهم، والحمل عليهم على أقدار منازلهم، وأن تواتيه آلاته، وتتصرف معه أداته، ويكون في التهمة لنفسه معتدلا، وفي