للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنسب من كل ناسب، وأقوف من كل قائف. وكانت آلته أوفر وأداته أكمل، إلا أنها كانت مصروفة إلى ما هو أرد.

وبين أن نضيف إليه العجز، وبين أن نضيف إليه العادة الحسنة وامتناع الشيء عليه من طول الهجران له، فرق.

ومن العجب أن صاحب هذه المقالة لم يره عليه السلام في حال معجزة قط، بل لم يره إلا وهو إن أطال الكلام قصّر عنه كل مطيل، وإن قصر القول أتى على غاية كل خطيب، وما عدم منه إلا الخط وإقامة الشعر. فكيف ذهب ذلك المذهب والظاهر من أمره عليه السلام خلاف ما توهم!؟

[[قدر الشعر]]

وسنذكر بعض ما جاء في فضل الشعر والخوف منه، ومن اللسان البليغ، والمداراة له، وما أشبه ذلك.

قال أبو عبيدة: إجتمع ثلاثة من بني سعد يراجزون بني جعدة، فقيل لشيخ من بني سعد: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوما إلى الليل لا أفثج «١» .

وقيل لآخر: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوما إلى الليل لا أنكف. فقيل للآخر الثالث: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوما إلى الليل لا أنكش «٢» . فلما سمعت بنو جعدة كلامهم انصرفوا وخلوهم.

قال: وبنو ضرار، أحد بني ثعلبة بن سعد، لما مات أبوهم وترك الثلاثة الشعراء صبيانا، وهم: شمّاخ، ومزرّد، وجزء، أرادت أمهم- وهي أم أوس- أن تزوج رجلا يسمى أوسا، وكان أوس هذا شاعرا، فلما رآه بنو ضرار بفناء أمهم للخطبة، تناول شمّاخ حبل الدلو ثم متح، وهو يقول:

أمّ أويس نكحت أويسا

<<  <  ج: ص:  >  >>