لأن الأهواء مشتركة. ورأس كل خطيئة، والداعي إلى كل هلكة إبليس وقد أضل القرون السالفة قبلك فأوردهم النار، ولبئس الثمن أن يكون حظ امرىء موالاة لعدو الله، والداعي إلى معاصيه! ثم اركب الحق وخض إليه الغمرات، وكن واعظا لنفسك، وأنشدك الله لما ترحمت على جماعة المسلمين فأجللت كبيرهم، ورحمت صغيرهم، ووقرت عالمهم، ولا تضربهم فيذلوا، ولا تستأثر عليهم بالفيء فتغضبهم، ولا تحرمهم عطاياهم عند محلها فتفقرهم، ولا تجمّرهم «١» في البعوث فتقطع نسلهم، ولا تجعل المال دولة بين الأغنياء منهم، ولا تغلق بابك دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم.
هذه وصيتي إياك، وأشهد الله عليك، وأقرأ عليك السلام.
[رسالة عمر (ر) إلى ابي موسى الأشعري.]
رواها ابن عيينة، وأبو بكر الهذلي ومسلمة بن محارب، رووها عن قتادة.
ورواها أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم، عن عبيد الله بن ابي حميد الهذلي عن ابي المليح أسامة الهذلي. أن عمر بن الخطاب كتب إلى ابي موسى الأشعري:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. آس «٢» بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا يخاف ضعيف من جورك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما. ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك، أن ترجع عنه إلى الحق فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم عندما يتلجلج في صدرك، مما لم يبلغك في كتاب الله ولا في سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم. أعرف الأمثال