للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وولده، فأدى ذلك إلى الخليفة من بعده، وفارق الدنيا تقيا نقيا، على منهاج صاحبيه، رحمه الله.

ثم أنّا والله ما أجتمعنا بعدهما إلا على ظلّع «١» ، ثم إنك يا عمر ابن الدنيا، ولدتك ملوكها، والقمتك ثديها، وليتك وضعتها حيث وضعها الله.

فالحمد لله الذي جلا بك حوبتها «٢» ، وكشف بك كربتها. امض ولا تلتفت فإنه لا يغني من الحق شيئا. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وللمؤمنين والمؤمنات.

قال: ولما أن قال: «ثم أنّا والله ما اجتمعنا بعدهما إلا على ظلّع» .

سكت الناس كلهم إلا هشاما، فإنه قال له: كذبت.

[خطبة عمر بن عبد العزيز (ر)]

أبو الحسن قال: حدثنا المغيرة بن مطرّف، عن شعيب بن صفوان، عن ابيه قال: خطب عمر بن عبد العزيز بخناصرة خطبة لم يخطب بعدها غيرها حتى مات رحمه الله. فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيه ثم قال:

أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثا ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا يحكم الله بينكم فيه. فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كلّ شيء، وحرم الجنّة التي عرضها السموات والأرض. واعلموا أن الأمان غدا لمن خاف الله اليوم، وباع قليلا بكثير، وفائتا بباق. ألا ترون أنكم في اسلاب الهالكين، وسيخلفها من بعدكم الباقون كذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين.

ثم أنتم في كل يوم تشيّعون غاديا ورائحا إلى الله، قد قضى نحبه وبلغ أجله، ثم تغيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسّد ولا ممهّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وباشر التراب، وواجه الحساب، غنيا عما ترك، فقيرا إلى ما قدّم، وأيم الله إني لأقول لكم هذه المقالة، وما أعلم عند أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>