قال: ودخل رجل من قيس عيلان على عبد الملك بن مروان، فقال زبيريّ عميري! والله لا يحبك قلبي أبدا! فقال:«يا أمير المؤمنين، إنما بجزع من فقدان الحب المرأة، ولكن عدل وإنصاف» .
وقال عمر لأبي مريم الحنفي، قاتل زيد بن الخطاب:«لا يحبك قلبي أبدا حتى تحبّ الأرض الدم المسفوح» . وهذا مثل قول الحجاج:«والله لأقلعنك قلع الصّمغة» ، لأن الصمغة اليابسة إذا قرفت «١» عن الشجرة انقلعت انقلاع الجلبة «٢» . والأرض لاتنشف الدم المسفوح ولا تمصه، فمتى جف الدم وتجلّب لم تره أخذ من الأرض شيئا.
ومن الخطباء: الغضبان بن القبعثريّ «٣» ، وكان محبوسا في سجن الحجاج، فدعا به يوما، فلما رآه قال: إنك لسمين! قال: القيد والرتعه «٤» ، ومن يكن ضيفا للأمير يسمن» .
وقال يزيد بن عياض «٥» : لما نقم الناس على عثمان، خرج يتوكأ على مروان، وهو يقول:«لكل أمّة آفة، ولكل نعمة عاهة، وإن آفة هذه الأمة عيّابون طعّانون، يظهرون لكم ما تحبون، ويسرون ما تكرهون، طغام مثل النعام، يتبعون أول ناعق، لقد نقموا عليّ ما نقموه على عمر، ولكن قمعهم عمر ووقمهم. والله إني لأقرب ناصرا وأعز نفرا. فضل فضل من مالي، فما لي لا أفعل في الفضل ما أشاء» .