للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذم بعض الحكماء رجلا فقال: «يحزم قبل أن يعلم، ويغضب قبل أن يفهم» .

وقال عمر بن الخطاب رحمه الله في بعض رسائله إلى قضاته: «الفّهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك» .

ولا يمكن تمام الفهم إلا مع تمام فراغ البال.

وقال مجنون بني عامر:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبي فارغا فتمكنا

وكتب مالك بن أسماء بن خارجة إلى أخيه عيينة بن أسماء بن خارجة:

أعيين هلّا إذ شغفت بها ... كنت استعنت بفارغ العقل

أقبلت ترجو الغوث من قبلي ... والمستغاث إليه في شغل

وقال صالح المري: «سوء الاستماع نفاق» . وقد لا يفهم المستمع إلا بالتفهم، وقد يتفهم أيضا من لا يفهم. وقال الحارث بن حلزة:

وحبست فيها الركب أحدس في ... كل الأمور وكنت ذا حدس

وقال النابغة الجعدي:

أبى لي البلاء وأني امرؤ ... إذا ما تبينت لم أرتب

وقال آخر:

تحلم عن الأدنين واستبق ودّهم ... ولن تستطيع الحلم حتى تحلّما

والمثل السائر على وجه الدهر قولهم: «العلم بالتعلم» .

وإذا كانت البهيمة إذا أحست شيئا من أسباب القانص، أحدت نظرها، واستفرغت قواها في الاسترواح، وجمعت بالها للتسمع- كان الانسان العاقل أولى بالتثبّت، وأحق بالتعرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>