للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء بسواء، فصار بيقين من كل ذي مسكة عقل حق المرأة في مال زوجها واجبًا لازمًا حلالًا يومًا بيوم وشهرًا بشهر وعامًا بعام وفي كل ساعة، وكرة الطرف لا تخلو ذمته من حق لها في ماله، بخلاف منعه من مالها جملة، وتحريمه عليه إلا ما طابت له نفسها به، ثم ترجو من ميراثه بعد الموت كما يرجو الزوج في ميراثها ولا فرق، فإن كان ذلك موجبًا للرجل منعها من مالها، فهو للمرأة أوجب وأحق في منعه من ماله إلا بإذنها؛ لأن لها شركًا واجبًا في ماله، وليس له في مالها إلا التب والزجر، فيا للعجب في عكس الأحكام؛ فإن لم يكن ذلك مطلقًا لها منعه من ماله خوف أن يفتقر فيبطل حقها اللازم، فأبعد والله، وأبطل أن يكون ذلك موجبًا له منعها من مال لا حق له فيه، ولاحظ إلا حظ الفيل من الطيران.

والعجب كل العجب من إطلاقهم له المنع من مالها أو من شيء منه، وهو لو مات جوعًا أو جهدًا أو هزالًا أو بردًا لم يقضوا له في مالها بنواة، ولا بجلد يستتر به، فكيف استجازوا هذا إن هذا لعجب!!.

وتأمل -رحمك الله- كلام ابن حزم ترى فيه دقة فقهه، وعمق فهمه، وتدرك أن للمرأة أن تتصرف في مالها إن كانت رشيدة دون إذن زوجها، وأن لا حق له في منعها، لكن مما ابتلي به رجال هذا الزمان مع قلة الدين، وفساد أهله التسلط على أموال النساء، وسلبها. فإنا لله وإنا إليه راجعون، وسيأتي مزيد بيان للمسائل المالية المتعلقة بالمرأة في هذا البحث إن شاء الله (١).


(١) ص: (٥٧٥) فما بعدها.

<<  <   >  >>