للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرضا به، فإن اضطرب العرف، وشك في رضاه، أو كان شخصًا يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك، أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه … معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة» فأشار -صلى الله عليه وسلم- إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة، ونبه بالطعام أيضًا على ذلك؛ لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال» (١).

٢ - ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أنها جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا نبي الله ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ مما يدخل علي؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «ارضخي (٢) ما استطعت، ولا توعي فيوعي الله عليك» واللفظ لمسلم. (٣)

قال النووي: «هذا محمول على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب النفقة وغيرها، أو مما هو ملك الزبير ولا يكره الصدقة منه؛ بل رضي بها على عادة غالب الناس … وقوله -صلى الله عليه وسلم- (ارضخي ما استطعت) معناه مما يرضى به الزبير، وتقديره أن لك في الرضخ مراتب مباحة بعضها فوق بعض، وكلها يرضاها الزبير فافعلي أعلاها، أو يكون معناه ما استطعت مما هو ملك لك» (٤).

ووجه الدلالة من الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حثها على النفقة وحذرها من الشح والإمساك؛ ولم يأمرها باستئذان الزبير لما يعرفه -صلى الله عليه وسلم- من حاله؛


(١) شرح مسلم (٧/ ١١٢ - ١١٣).
(٢) ارضخي من الرضخ وهو العطاء اليسير، فالمعنى: أنفقي من غير إجحاف ما دمت قادرة مستطيعة، انظر: إكمال المعلم (٣/ ٥٥٩)، النهاية (٢/ ٢٢٨)، مادة (ر ض خ)، الفتح (٣/ ٣٨٤).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٩٦).
(٤) شرح صحيح مسلم (٧/ ١١٩).

<<  <   >  >>