ثم إنه لا يصح قياس المرأة على غيرها؛ لأنها بحكم العادة تتصرف في مال زوجها، وتتبسط فيه، وتتصدق منه؛ لحضورها وغيبته، والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي، فصار كأنه قال لها: افعلي كذا
ومن هنا يتبين أن الراجح القول الأول؛ لقوة أدلته، ولك أن ترى عدالة الإسلام، وضمانه لحقوق المرأة، فيجعل لها حق التصرف الكامل في مالها بالتبرع والهبة، ويشرع لها أيضًا أن تتصدق من بيت زوجها غير مفسدة، إن علمت أنه لا يكره ذلك، في حين أنه لا يشرع للرجل التصرف ولو في الحقير من مالها بدون إذنها، ذلك أن الإسلام دين الإنسانية والتكافل يربى كل فرد من أفراده على القدرة على اتخاذ القرار إن لم يكن فيه مفسدة، ويجعل القرار النافع سببًا للشراكة في الأجر، ويقنن السلطة المركزية على كل صغير وكبير، فلا تنتظر المرأة رجوع زوجها حتى تستأذنه في إطعام فقير يدق بابها، أو سد رمق مسكين يسألها، أو إطعام ضيف يحل في دارها، بل يحثها على النفقة بغير إفساد، ويضمن لها الأجر على سخاوة النفس وكرم الطبع، فلله الحمد والمنة.