للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أثره؛ لأن الأمر ليس خاصًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فينبغي أن يعتني العلماء، وأولياء الأمور بالنساء كما اعتني من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح (١)، فيأخذن العلم والرواية، ويتحملن ذلك كالرجال، لِيَكنَّ هاديات مهديات، مفاتيح للخير مغاليق للشر، فما من طاعة تقوم على الوجه الصحيح إلا بالعلم، والعلم من أفضل الطاعات على الإطلاق، وهذا ما صرحت به امرأة عالمة، وفقيهة زاهدة ألا وهي أم الدرداء قائلة «لقد طلبت العبادة في كل شيء؛ فما أصبت لنفسي شيئًا أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم» (٢).

٤ - بل كان -صلى الله عليه وسلم- يحرص على حضور العواتق وذوات الخدور فضلًا عن الكبيرات صلاة العيدين حتى وإن كن حيّضًا يشهدن الخير ودعوة المسلمين، أخرج البخاري ومسلم من حديث أم عطية قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيّض وذوات الخدور، فأما الحيّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: «لتُلْبِسها أختها من جلبابها» واللفظ لمسلم (٣).

فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولياء النساء أن يخرجوهن في الفطر والأضحى ليشهدن الخير، ويستنرْنَ بنور العلم، حتى المرأة الحائض لا يمنعها حيضها من حضور الخير بل لتحضر، ولتعتزل المصلي، ومن لا جلباب لها أمر أن تُلْبِسها أختها من جلبابها. فهل رأيت دينًا أعطى المرأة حقها كدين الإسلام!


(١) سيأتي صور لذلك ص (٢٨٥).
(٢) عزاها لها ابن عساكر في تاريخ دمشق (٧٠/ ١٥٦)، والنووي في تهذيب الأسماء (٢/ ٦٢٣)، والمزي في تهذيب الكمال (٣٥/ ٣٥٥).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٨٣).

<<  <   >  >>