للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - بل كانت النساء حريصات على حضور الأمور المهمة التي ينادي إليها منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويحضرن المسجد من غير نكير عليهن، وما ذاك إلا لكوتهن داخلات في الخطاب الشرعي، أخرج مسلم (١) من حديث أم سلمة قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض، ولم أسمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما كان يومًا من ذلك، والجارية تمشطي، فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أيها الناس» فقلت للجارية: استأخري عني. قالت: إنما دعا الرجال، ولم يدع النساء. فقلت: إلى من الناس فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لكم فرط على الحوض، فإياي لا يأتين أحدكم فيُذَبّ عني كما يُذَبُّ البعير الضال، فأقول: فيم هذا؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقًا».

لقد فهمت أم سلمة -رضي الله عنها- من نداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بـ «أيها الناس» أنها معنية، وأن الخطاب لها، ولذا أنكرت عليها الجارية إبعادها لها؛ لأن الخطاب وُجِّه للرجال، والدعوة خصت بهم، فصححت فهمها، وأرسلت ليس للجارية فحسب بل لكل امرأة أن النساء يدخلن في الخطاب العام، ويدعين إليه، ويطالبن به.

وأخرج مسلم (٢) أيضًا من حديث طويل لفاطمة بنت قيس فيه ذكر الجساسة أنها قالت: «فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينادي: الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته جلس على المنبر، وهو يضحك، فقال: «ليلزم كل إنسان مصلاه» ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ …


(١) كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصفاته (٤/ ١٧٩٢) ٢٢٩٥.
(٢) كتاب الفتن، باب: قصة الجساسة (٤/ ٢٢٠٧) ٢٩٤٢.

<<  <   >  >>