للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأيت ما يرى النائم في منامه؟ قالت: هل رأيت فيهما شيئًا. قلت: لا. قالت: فلو رأيت شيئًا غسلته، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يابسًا بظفري.

لقد أفتت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لعبد الله بطهارة المني (١)، ودلته على ما يصنع إن رأى شيئًا منه بغسله أو حكه، وفي الحديث تفقد أحوال الضيف، وسؤاله عن ما يستنكر من حاله، وفيه تأخير الإنكار حتى يتبين حجة المنكر عليه.

٢ - بل كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمَّون بيوت نسائه للسؤال والفتيا، أخرج مسلم (٢) من طريق عبد الله بن قيس قال: سألت عائشة عن وتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث. قلت: كيف كان يصنع في الجنابة، أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

٣ - وقد مضى فيما تقدم (٣) إنكار أم المؤمنين عائشة على فتيا عبد الله بن عمرو بأمر النساء بنقض رؤوسهن عند غسل الجنابة، أخرج مسلم من طريق عبيد بن عمير قال: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن. فقالت: يا عجبًا لابن عمرو هذا، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن! لقد كنت أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء


(١) وبه قال جمهور العلماء سعيد بن المسيب وعطاء وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والشافعي وأصح الروايتين عن أحمد.
(٢) كتاب الحيض، باب: جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع (١/ ٢٤٨) ٣٠٧.
(٣) ص (١٢٥)، وانظر أمثلة أخرى لإنكار أمهات المؤمنين على بعض فتوى الصحابة في: مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٨٥ - ١٠٦).

<<  <   >  >>