للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات.

وكذلك مرّ بنا (١) إنكار ميمونة على ابن أختها عبد الله بن عباس اعتزاله فراش زوجته الحائض، وإخباره عن هدّيه -صلى الله عليه وسلم-.

٤ - وهذه نصوص توقفنا على دور المرأة في تحقيق المسائل العلمية، وحسم الخلاف بالدليل:

أ- أخرج مسلم (٢) من حديث أبي موسى قال: اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار. فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء. وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل. قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك، فقمت، فاستأذنت على عائشة، فأذن لي. فقلت لها: يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شيء، وإني أستحييك. فقالت: لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلًا عنه أمك التي ولدتك، فإنما أنا أمك. قلت: فما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان فقد وجب الغسل».

لقد قطعت أم المؤمنين الاختلاف بما لديها من علم، وانظر إلى أدب الصحابة الجم في الحوار والسؤال، لقد قدَّم أبو موسى بين يدي سؤاله بعبارة لطيفة مهذبة ليعطي المسؤول تصورًا عن طبيعة ما سيسأله، فتأتي فطنة أم المؤمنين -رضي الله عنها- بقولها: لا تستحي أن تسألي عما كنت سائلًا أمك عنه … ثم تفي بفتوى تقطع بها الخلاف العلمي، وذهب جمهور العلماء إلى ما أفتت به أم المؤمنين وهو


(١) ص (١٤٦).
(٢) كتاب الحيض، باب: نسخ الماء من الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين (١/ ٢٧١) ٣٤٩.

<<  <   >  >>