للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَعُدّها بعض الناس الاستشهاد بهذه الآية الكريمة على ذلك الفهم المغلوط هو الاستدلال الفصل، والحكم الذي لا يقبل المداولة، والقضاء الذي لا يقبل الاستئناف، على تميز الذكر وارتفاعه عن الأنثى، ويردد الناس هذه الآية على أفضلية الذكر مطلقًا على الأنثى دون قيد أو شرط، مع أن تفسيرها الصحيح يعطي معي مغايرًا لما يستدلون به.

وإليك بيان هذه القصة كاملة في كتاب الله جل وعلا: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (١).

يقول الشوكاني: «{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} قرأ أبو بكر وابن عامر بضم التاء؛ فيكون من جملة كلامها، ويكون متصلًا بما قبله، وفيه معين التسليم لله، والخضوع، والتنزيه له أن يخفى عليه شيء، وقرأ الجمهور (وضعت) بسكون التاء فيكون من كلام الله سبحانه وتعالى على جهة التعظيم لما وضعته، والتفخيم لشأنه، والتحليل لها حيث وقع منها التحسر والتحزن مع أن هذه الأنثى التي وضعتها سيجعلها الله وابنها آية للعالمين، وعبرة للمعتبرين، ويختصها بما لم يختص به أحدًا … قوله: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} أي وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وضعت، فإن غاية ما أرادت من كونه ذكرا أن يكون نذرًا خادمًا للكنيسة، وأمر


(١) آل عمران: (٣٥ - ٣٦).

<<  <   >  >>