للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الحديث سيق في مدح النساء وقدرتهن على التأثير، فلو كان نقصًا لكان الرجل به أحق، وبوصفه أحدر؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعجب من إذهاب المرأة للب الرجل الحازم، وتأمل التعبير النبوي: «أذهب للب الرجل الحازم» إذ إن معين أذهب أي: أشد إذهابًا. واللب أخص من العقل وهو الخالص منه، والحازم الضابط لأمره، وهذه مبالغة في وصفهن بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن فغير الضابط أولى (١).

قال العين: «فإن قلت: أليس ذلك ذمًا لهن، قلت: لا، وإنما هو على معنى التعجب فإنهن مع اتصافهن بهذه الحالة يفعلن بالرجل الحازم كذا وكذا» (٢).

فإن كانت ناقصة العقل تذهب لب حازم الرجال، أتراه كمالًا في حقه أم نقصًا؟! ألا ترى في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إشارة إلى قدرة المرأة، ونقص الرجل الذي يذهب بلبه على الرغم من ذكائه؟!!.

٢ - يلزم القائل بظاهر هذا الحديث أن يكون أتم عقلًا ودينًا من مريم، وأم موسى، وعائشة، وفاطمة، والقول بغير هذا يعني أن من الرجال من هو أنقص دينًا وعقلًا من النساء، ويعرف بهذا أن هذا النقصان لا يوجب نقصان الفضل، فنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته أفضل دينًا ومنزلة عند الله من كل تابعي، ومن كل رجل يأتي من بعدهم إلى يوم القيامة.

٣ - الإسلام يَعُدّ المرأة والرجل سواء أمام التكاليف الشرعية من حيث الأداء والعقوبة، فلو كانت المرأة ناقصة عقل، كيف يكون أداؤها وعقوبتها بالمستوى نفسه للرجل، هذا ينافي العدل الذي ينادي به الإسلام، فناقص العقل لا يكلف بمثل ما


(١) ينظر: الفتح (١/ ٤٠٥).
(٢) عمدة القارئ (٣/ ٢٧٢).

<<  <   >  >>