للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكلف به من هو أكمل منه عقلًا، ولا يحاسب بالقدر نفسه الذي يحاسب به، على فرض أن الرجل أكمل عقلًا من المرأة.

٤ - إن نقصان العقل والدين فسّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث فيقصر عليه، ولا يُتعدَّى لغيره، وأعلى مراتب تفسير الحديث: الحديث نفسه، وقد سلمن الصحابيات ما نسب إليهن من الأمور الثلاثة: الإكثار، والكفران، والإذهاب، ثم استشكلن كونهن ناقصات عقل ودين، وما ألطف جوابه -صلى الله عليه وسلم- حين بيّن نقصان العقل بقوله: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟» (١) يقول العيني: «فإن قلت: النكتة في تعبيره بهذه العبارة، ولم يقل: أليس شهادة المرأتين مثل شهادة الرجل. قلت: لأن في عبارته تلك تنصيصًا على النقص الصريح بخلاف ما ذكرت، فإنه يدل عليه ضما فافهم فإنه دقيق» (٢).

يقول ابن القيم -رحمه الله -: «قال شيخنا ابن تيمية -رحمه الله- في قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (٣) فيه دليل على استشهاد امرأتين مكان رجل، إنما هو لإذكار إحداهما الأخرى إذا ضَلَّتْ، وهذا إنما يكون فيما يكون فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم الضبط، وإلى هذا المعنى أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: «وأما نقصان عقلهن فشهادة امرأتين بشهادة رجل» فبين أن شطر شهادتهن إنما هو لضعف العقل لا لضعف الدين، فعلم بذلك أن عدل النساء


(١) قال الحافظ: «وحكى ابن التين عن بعضهم أنه حمل العقل هنا على الدية، وفيه بعد. قلت: بل سياق الكلام يأباه» الفتح (١/ ٤٠٦) وأوردته في الهامش حتى يتنبه له.
(٢) عمدة القارئ (٣/ ٢٧٢).
(٣) البقرة: ٢٨٢.

<<  <   >  >>