للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمنزلة عدل الرجال، وإنما عقلها ينقص عنه، فما كان من الشهادات لا يخاف فيه الضلال في العادة، لم تكن فيه على نصف الرجل، وما تقبل فيه شهادتهن منفردات إنما هي أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأنها من غير توقف على عقل كالولادة والاستهلال والارتضاع والعيوب تحت الثياب؛ فإن مثل هذا لا ينسى في العادة، ولا تحتاج معرفته إلى إعمال عقل كمعاني الأقوال التي تسمعها من الإقرار بالدين وغيره فإن هذه معان معقولة، ويطول العهد ما في الجملة» (١).

وعلى هذا فإن على مورِد الدليل أن يوضحه ويقصره على أن نقصان عقل المرأة كون شهادتها على النصف من شهادة الرجل، ولا نعمم ما خصصه الشرع، يقول الإمام المازري: «قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل ش هادة رجل» تنبيه منه -صلى الله عليه وسلم- على ما وراءه، وهو ما نبه الله عليه في كتابه بقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} أي: إنهن قليلات الضبط (٢)».

فمن فهم نقصان العقل على الإطلاق؛ لم يأخذ الحديث بأكمله، ولم يربطه بما يفسره من كتاب الله، فالحديث يعلل نقصان العقل عند النساء بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، والآية تعلل ذلك بالضلال والتذكير، ولم تصرح الآية بأن النساء ناقصات عقل، ولا أن الحاجة إلى نصاب الشهادة هذا لأجل أن تفكير المرأة أقل من تفكير الرجل.

يقول عزيز أبو خلف: « … ولم تستخدم كلمة العقل في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة لتشير إلى عضو التفكير مطلقًا، كما لم ترد كلمة العقل على المصدرية


(١) الطرق الحكمية (٢٢١). وسيأتي مزيد لمبحث شهادة المرأة ص (٣٤٧).
(٢) المعلم (١/ ٨٥).

<<  <   >  >>