للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقرب الناس من الشهادة، فنهاهم الله عن ذلك فقال: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (١) وفي الله سبحانه عن كتمانها، وتوعد الله كاتم الشهادة بالإثم لما في ذلك من تضييع حقوق العباد فقال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (٢) والشهادة تتطلب في جميع أحوالها من الشاهد بذل الجهد في مغالبة هواه وميله، وفي تغلبه على أحاسيسه ومشاعره، وفي ذلك يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (٣)، وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٤) وهذا يدل على أن تحمل الشهادة عبء على الشاهد وليست له، ومن أعفي من هذه المسؤولية فقد خُفِف عنه، وقد نص القرآن الكريم على العديد من الرخص، وفقًا لمقتضيات الحال كالرخصة في الفطر للمسافر، والقصر والجمع، ولم يعد هذا التخفيف إهانة بل نعمة تستوجب شكر المنعم.

فالحمد لله الذي رفع أعباء الشهادة وتبعاتها عنّا معشر النساء؛ ولهذا السبب لم أورد الشهادة حقًا للمرأة؛ إذ إنها تكليف لا تشريف.

ثالثًا: انطلاقًا من مفهوم الشهادة في الإسلام،

وحرصًا على أدائها بصدق


(١) البقرة: (٢٨٢).
(٢) البقرة: (٢٨٣).
(٣) النساء: (١٣٥).
(٤) المائدة: (٨).

<<  <   >  >>