للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمانة، عزز الإسلام الشهادة مطلقًا، فعزز شهادة الرجل بشهادة رجل آخر، قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١) ومع ذلك لم يعتبر أحد أن هذا مسيس بكرامة الرجل، وعند عدم توافر الشاهدين من الرجال، والاحتياج إلى شهادة المرأة، عززت شهادة الرجل بامرأتين، والآية عللت اشتراط المرأتين بقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}.

يقول ابن القيم: «قال شيخنا ابن تيمية -رحمه الله- في قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل إنما هو لإذكار إحدهما الأخرى إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيما يكون فيه الضلال في العادة وهو النسيان وعدم الضبط … وما تقبل فيه شهادتهن منفردات إنما هي أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأذنها من غير توقف على عقل كالولادة والاستهلال والارتضاع والعيوب تحت الثياب (٢)؛ فإن مثل هذا لا ينسى في العادة، ولا تحتاج معرفته إلى إعمال عقل كمعاني الأقوال التي تسمعها من الإقرار بالدين وغيره، فإن هذه معانٍ معقولة، ويطول العهد ما في الجملة» (٣).

من أسباب ضلال المرأة عند شهادتها:

١ - إن رسالة المرأة في حياتها اليومية تستلزم بقاءها في البيت في غالب الأوقات، وبخاصة أوقات البيع والشراء، ووجودها حيث تحرى المعاملات المالية بين الناس لا يقع إلا نادرًا، وما كان كذلك فليس من شأنها أن تحرص على تذكره


(١) البقرة: (٢٨٢).
(٢) سيأتي مزيد بيان له ص (٦٦٨).
(٣) الطرق الحكمية (٢٢١).

<<  <   >  >>