للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرها بها، ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة.

وذهب بعضهم إلى أن المراد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق، سماه به على التشبيه (١).

• ومن هنا يتبين أن معنى (تقبل في صورة شيطان):

١ - التشبيه بالشيطان في الإغراء ولا سيما إن لم تكن عفيفة، لما عُرف من ميل الرجل إلى المرأة، فإنه إليها يحن، وعنها لا يصبر، لذا حرم الإسلام خلوته بها، وأباح له نكاح الأربع، وتعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إذهابها للب الرجل الحازم فضلًا عن غيره، وصدق عبد الله بن الأعور الأعشى المازني لما أنشد:

وقذفتني بين عيص مؤتشب (٢) … وهن شر غالب لمن غلب (٣)

ورحم الله جريرًا (٤) إذ يقول:

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به … وهن أضعف خلق الله إنسانًا

٢ - أو أن الشيطان يزينها في أعين الرجال، فيكون معنى الحديث التحريض على غض البصر، والتحذير من استدامة النظر، وجعل -صلى الله عليه وسلم- للرجل النظرة الأولى المفاجئة، وليست له الثانية، وأمر القرآن المؤمنين بغض الأبصار فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (٥) وتأمل


(١) ينظر: تحفة الأحوذي (٤/ ٢٨٣).
(٢) قال ابن الأثير: «المؤتشب الملتف، والعيص أصل الشجر» النهاية (١/ ٥١) مادة (أ ش ب).
(٣) أخرجه عبد الله في زيادته على المسند (١١/ ٤٧٨) ٦٨٨٥ في حديث طويل في آخره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل يقول: «وهن شر غالب لمن غلب» وإسناده ضعيف لجهالة حال صدقة بن طيسلة، ومعن بن ثعلبة. انظر: الإكمال للحسيني (٢٠٢ - ٣٤٨).
(٤) ديوان جرير (١٠٨).
(٥) النور (٣٠).

<<  <   >  >>