للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المسألة الأولى: فإني لم أجد خلافًا في أنه لا يجوز المرور بين يدي المصلي وسترته، ولا بين يديه قريبًا منه إذا لم يكن له سترة على خلاف بينهم في تحديد مسافة النهي إذا لم يكن له سترة؛ فإن مرّ أحدهم بين يدي المصلي فقد ارتكب محظورًا، وهو آثم بالإجماع (١).

واستدل أهل العلم بأدلة كثيرة منها ما أخرجه البخاري (٢)، ومسلم (٣) من طريق أبي صالح السمان قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بن أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغًا إلا بين يديه، فعاد ليجتاز، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد ثم دخل على مروان فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان، فقال: ما ل ك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه؛ فليدفعه؛ فإنْ أبي فليقاتله فإنما هو شيطان» واللفظ للبخاري.

قال الحافظ: «فإنما هو شيطان أي فعله فعل الشيطان، لأنه أبى إلا التشويش على المصلي، وإطلاق الشيطان على المارد من الإنس شائع سائغ» (٤).

ولا شك أن الرجل أو المرأة الذين يمران بين يدي المصلي وسترته قد فعلا


(١) ينظر: مراتب الإجماع لابن حزم (٣٠)، المبسوط للسرخسي (١/ ١٩٢)، الكافي لابن عبد البر (١/ ٢٠٩)، المجموع (٣/ ٢٤٩)، المغني (٢/ ٢٤٥).
(٢) أبواب سترة المصلي، باب: يرد المصلي من مرّ بين يديه … (١/ ١٩١) ٤٨٧.
(٣) كتاب الصلاة، باب: منع المار بين يدي المصلي (١/ ٣٦٢) ٥٠٥.
(٤) الفتح (١/ ٥٨٤).

<<  <   >  >>