للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب الجمهور على حديث أبي ذر بأجوبة عدة منها:

١ - تأولوا معنى القطع بنقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالأسود؛ فأجيب بأنه شيطان، وقد علم أن الشيطان لو مرّ بين يدي المصلي لم تفسد صلاته بدليل: «إذا ثوب بالصلاة أدبر الشيطان، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه» (١) وبحديث: «إن الشيطان عرض لي فشد علي» (٢) ولا يقال: قد ذكر في هذا الحديث أنه جاء ليقطع صلاته؛ لأنه بيّن في رواية مسلم سبب القطع، وهو أنه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه، فمجرد المرور قد حصل به ولم تفسد به الصلاة (٣).

٢ - ومال الطحاوي وغيره إلى أن حديث أبي ذر وما وافقه منسوخ بحديث عائشة وغيرها (٤)، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ، وتعذر الجمع، والتاريخ هنا لم يتحقق، والجمع لم يتعذر (٥).

الثاني: ذهبوا إلى بطلان صلاة المصلي بمرور المرأة بين يديه، وبه قال الحسن البصري) (٦)، وابن حزم (٧)، وهو رواية عن الإمام أحمد (٨)، واختارها عدد من


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب: فضل التأذين (١/ ٢٢٠) ٥٨٣.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب: ما يجوز من العمل في الصلاة (١/ ٤٠٥) ١١٥٢، ومسلم في كتاب الصلاة، باب: جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة (١/ ٣٨٤) ٥٤٢.
(٣) ينظر: شرح النووي (٤/ ٢٢٧)، الفتح (١/ ٥٨٨)، العمدة (٤/ ٢٩٨).
(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٤٦٦).
(٥) الفتح (١/ ٥٨٣).
(٦) عزاه له النووي في المجموع (٣/ ٢٥٠).
(٧) المحلى (٤/ ٨).
(٨) ينظر: المبدع (١/ ٤٩١)، الإنصاف (٢/ ١٠٧).

<<  <   >  >>