للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ السعدي في تفسيره (١): «لما كان صلح الحديبية صالح النبي -صلى الله عليه وسلم- المشركين على أن من جاء منهم إلى المسلمين مسلمًا أنه يرد إلى المشركين، وكان هذا لفظًا عامًا مطلقًا يدخل في عمومه النساء والرجال، فأما الرجال فإن الله لم ينه عن ردهم إلى الكفار وفاء بالشرط، وتتميمًا للصلح، الذي هو من أكبر المصالح، وأما النساء فلما كان ردهم فيه مفاسد كثيرة، أمر المؤمنين إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وشكوا في صدق إيمانهن أن يمتحنوهن ويختبروهن ما يظهر به صدقهن من أيمان مغلظة وغيرها … ».

واختلف المفسرون (٢) في قوله تعالى: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} وأصح ما قيل في ذلك ما أخرجه البخاري، ومسلم من حديث عائشة المتقدم، أن الامتحان يكون بلفظ الآية: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ} ولذا تقدم في حديث عائشة: «كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يُمْتَحَنَّ بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، فمن أقر بهذا من المؤمنات، فقد أقر بالمحنة.

يقول الرازي: «وإنما كان امتحانهن؛ لأنهن يأتين من دار الحرب، فلا اطلاع لهن على الشرائع، ولأجل ذلك لم تمتحن المؤمنات في دار الإسلام، وإنما بايعن بغير امتحان؛ لأنهن عالمات بالشرائع، فلا حاجة إلى الامتحان» (٣).

حكم هذه البيعة:


(١) (١/ ٨٥٧).
(٢) انظر أقوال المفسرين في: تفسير الطبري (٢٨/ ٦٧)، تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ ٣٣٥٠)، الدرر المنثور (٨/ ١٣٣).
(٣) التفسير الكبير (٢٩/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>