للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنه لا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق» (١).

قلت: التقييد بالمعروف لمن جاء بعده -صلى الله عليه وسلم-.

وبعد هذا الاستعراض ترى أن أركان بيعة النساء كانت على شرائع الدين وأصوله، ولعلك تسأل نفسك لم جاءت البيعة بالمناهي دون الأوامر؟

يقول القرطبي: «في صفة البيعة خصلًا شتى صرح فيهن بأركان النهي في الدين، ولم يذكر أركان الأمر، وهي ستة أيضًا: الشهادة، والصلاة والزكاة، والصيام، والحج، والاغتسال من الجنابة؛ وذلك لأن النهي دائم في كل الأزمان، وكل الأحوال، فكان التنبيه على اشتراط الدائم آكد. وقيل: إن هذه المناهي كان في النساء كثير من يرتكبها، ولا يحجزهن عنها شرف النسب، فخصت بالذكر لهذا، ونحو منه قوله عليه السلام لوفد عبد القيس «وأنهاكم عن الدُبّاء، والحنتم والنقير، والمزفت» (٢) فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي؛ لأنها كانت شهوتهم وعادتهم، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة له فيها».

المسألة الخامسة: كيفية البيعة:

١ - بيعة النساء بالكلام فحسبُ:

المتأمل للأحاديث السابقة يرى أن بيعة النساء تمت بالكلام فحسب دون مصافحة كما هو حال الرجال، يدل على ذلك حديث أميمة بنت رقيقة المتقدم (٣)


(١) (٨/ ٢٤٠) وانظر: الفتح (١/ ٨٩).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان (١/ ٢٩) ٥٣ الدُبّاء: القرع اليابس منه. والحَنْتم: الجرار الخضر تصنع من الطين والشعر، والنَقِير: النخلة تنقر، فيتخذ منه وعاء. والمزفت: ما طلي بالزفت. انظر: الفتح (١/ ١٣٤).
(٣) ص (٤١٥ - ٤١٦).

<<  <   >  >>