للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه، فكأنه أبطأ عليه، فلعنه، فلما أصبح، قالت له أم الدرداء سمعتك الليلة لعنت خادمك حين دعوته. فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة».

وأخرجه أحمد في المسند (١) من طريق معمر، عن زيد بن أسلم قال: كان عبد الملك يرسل إلى أم الدرداء، فتبيت عند نسائه، ويسألها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث بنحوه. وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.

ولم تمنع أم الدرداء -رضي الله عنها- استضافة عبد الملك بن مروان إيّاها، ولا منزلته من الإنكار عليه يوم أخطأ، ودللت على إنكارها -رضي الله عنها- وفيه حرص الصحابة على تعليم أهليهم الخير، يظهر ذلك من تحديث أم الدرداء عن زوجها -رضوان الله عليهم-.

على أن أُمَّ الدرداء لم تُسءِ الأدب مع عبد الملك في إنكارها عليه، -رضي الله عنها-، وهذا أدبٌ ينبغي مراعاته.

وإن كان الإسلام كما سيأتي (٢) منع المرأة من الولاية العظمى إلا أنه جعلها عضوًا فاعلًا، وعنصًرا نشطًا يأمر وينهي، ويسمع له ولا سيما إن كان ما تذكره مبنيًا على أصول الشريعة وقواعدها، وقد دللت فيما مضى، والله ولي التوفيق.


(١) (٤٥/ ٥١٧) ٢٧٥٢٩.
(٢) ص (٥١٥).

<<  <   >  >>