يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها، ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نيابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت، ووضعت، ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي من أمركم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان، تسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل، ونكاح الرابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا، كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علمًا، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن، ووضعت حملها، جمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به، ودعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- بالحق هدم نكاح الجاهلية كله، إلا نكاح الناس اليوم».
وتأمل -رحمك الله- الصور الثلاث الأخيرة للنكاح ترى مدى التدني في الأخلاق والتصورات والقيم، والحياة البهيمية التي عوملت بها المرأة، ويكفي أن تتصور الرجل يرسل امرأته إلى آخر لتأتيه بولد نجيب، كما ترسل الناقة إلى الفحل ليضربها، وما ذاك إلا إساءة بالغة لإنسانيتها، فأبطل الإسلام هذه الأنكحة الفاسدة، وأقرّ الصالح منها.
• بل كان الواحد منهم يرسل أمته لتزني، ويجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك (١)، وأنزل الله سبحانه: