للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) وسبب نزول الآية ما أخرجه مسلم (٢) من حديث جابر أن جارية لعبد الله بن أبي بن سلول يقال لها: مسيكة، وأخرى يقال لها: أميمة، فكان يكرههما على الزني، فشكتا ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل: {تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} ولم يقتصر في القرآن عن الإكراه على الزنى فحسب، بل يعم جميع صوره سواءٌ كانت الفتاة مكرهة أم لا، وأمّا قوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} فليس شرطًا؛ وإنما ذكر الله تعالى إرادة التحصن من المرأة؛ لأن ذلك هو الذي يصدق عليه الإكراه، فأما إذا كانت راغبة في الزنى فإنها بغي تمنع (٣).

وقال ابن كثير: «{إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} هذا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له» (٤).

وفيه من زيادة تقبيح حالهم، وتشنيعهم على ما كانوا عليه من القبائح ما لا يخفى، فإن من له أدنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه حرمه من إمائه فضلًا عن أمرهن به، أو إكراههن عليه ولا سيما مع إرادتهن من التعفف.

ومن هنا يظهر ظلم النساء حرائر كُنَّ أم إماء.

• بل نال ظلمهم يتامى النساء، فإن الرجل تكون عنده اليتيمة إن أعجبه حسنها نكحها بعد أن يبخسها حقها، وإن لم تعجبه عضلها ليأخذ مالها.


(١) النور: ٣٣.
(٢) في صحيحه في كتاب التفسير، باب: في قوله تعالى: {? ? ? ? ?} (٤/ ٢٣٢٠) ٣٠٢٩.
(٣) ينظر: تفسير البغوي (٣/ ٣٤٤)، الكشاف (٣/ ٢٤٥)، تفسير القرطبي (١٢/ ٢٥٤)، تفسير البيضاوي (٤/ ١٨٦)، تفسير السعدي (١/ ٥٦٨).
(٤) التفسير (٣/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>