للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج (١) -أيضًا- من حديث أم عطية الأنصارية قالت: غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام، وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى.

قال ابن بطال في شرحه (٢) لحديث الربيّع بنت معوذ: «قال المهلب: فيه مباشرة المرأة غير ذي محرم منها في المداواة وما شاكلها من إلطاف المرضى، ونقل الموتى.

فإن قيل: كيف جاز أن يباشر النساء الجرحى، وهم غير ذوي محارم منهن؟

فالجواب أنه يجوز ذلك للمتجالات (٣) منهن، لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل تقشعر منه الجلود، وقابه النفوس، ولمسه عذاب للامس والملموس، وأما غير المتجالات منهن فيعالجن الجرحى بغير مباشرة منهن لهم، بأن يصنعن الدواء، ويضعه غيرهن على الجرح، ولا يمسسن شيئًا من جسده» ثم استدل رحمه الله على اتفاقهم أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها، أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس، بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كالزهري (٤)، وفي قول الأكثر: تيمم (٥). ثم قال: «وهذا يدل من قولهم إنه لا يجوز عندهم مباشرة غير ذوي المحارم؛ لأن حالة الموت أبعد من التسبب إلى دواعي اللذة والذريعة إليها من حال


(١) المصدر السابق (٣/ ١٤٤٤٧) ١٨١٣.
(٢) شرح ابن بطال (٤/ ١٠٢).
(٣) المتجالات: الكبيرات في السن.
انظر: النهاية (١/ ٢٧٨)، لسان العرب (١/ ٢٨٨)، مادة (ج ل ل).
(٤) عزاه له ابن قدامة في المغني (٢/ ٢٠٢).
(٥) قال به سعيد بن المسيب، والنخعي، ومالك، وأحمد، وأصحاب الرأي. وهو الراجح.
انظر: شرح ابن بطال (٤/ ١٠٢)، المدونة (١/ ١٨٦)، المبسوط (١٠/ ١٦١)، المغني (٢/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>