للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقع عند مسلم (١) من وجه آخر عن أنس أن أم سليم اتخذت خنجرًا يوم حنين فقالت: «اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه» ويحتمل أن يكون غرض البخاري بالترجمة أن يبين أنهن لا يقاتلن، وإن خرجن في الغزو، فالتقدير بقوله (وقتالهن مع الرجال) أي: هل هو سائغ، أو إذا خرجن مع الرجال في الغزو يقتصرن على ما ذكر من مداواة الجرحى ونحو ذلك».

والمتتبع لمشاركة النساء الرجال في القتال يرى أن ذلك يقع منهن إذا كانت الدائرة على المسلمين، فخروجهن ابتداءً كان للسقي والإطعام والمداواة، ولكن إن طال المسلمين هزيمة، أو كاد يتغلب عليهم عدو شرع للنساء القتال بما يتحملنه ويقدرن عليه، والأدلة على ذلك كثر منها:

١ - ما جاء في ترجمة أم عمارة نَسيبة بنت كعب وقتاها يوم أحد، وقد جاء في طبقات ابن سعد (٢): « … فكانت أم سعيد بن ربيع تقول: دخلت عليها (أي: أم عمارة) فقلت: «حدثيني خبرك يوم أحد. قالت: خرجت أول النهار إلى أحد، وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انجزت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجعلت أباشر القتال، وأذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراح … » ثم ذكر قصة جرح ابن قميئة لها.

حتى قال لها رسول الله: « … ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟».

وجرحت يوم أحد ثلاثة عشر جرحًا.

وشهدت قتال مسيلمة باليمامة، وجرحت يومئذ اثنا عشر جرحًا ما بين طعنة،


(١) كتاب الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال (٣/ ١٤٤٢) ١٨٠٩.
(٢) (٨/ ٤١٥).

<<  <   >  >>