للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الممارسة التطبيقية؛ لأن المسألة السياسية ليست من العلوم المشاعة التي تؤخذ كما تؤخذ النظرية العلمية، بل هي علاقات إنسانية وتفاعلات تراكمية ترتبط بخصوصيات الأمم الثقافية فلا تستعار ولا تقتبس فإذا كان كمال العلم وأعلى مراتبه لا يحصل إلا بالمخالطة والاحتكاك، فإن أدن مراتب القدرة السياسية لا تحصل إلا بالدربة والمعاطاة.

ومن هنا تظهر قوة العلاقة بين العمل السياسي وبين البروز الاجتماعي بحيث تحتاج المرأة إلى قدر من الصفاقة الخلقية، والجراءة الشخصية التي تؤهلها للممارسة السياسية، ولهذا لحقت رياح التغريب بغالب النساء والفتيات المطالبات اليوم بالعمل السياسي، وأخذت من بعيدًا عن ضوابط الأخلاق التي يرسمها منهج الإسلام للمرأة المسلمة ضمن خصوصيات حضارته ونظامه للحكم، الذي قضى بتأخير جملة الإناث مطلقًا في كل مناشط الحياة العامة عن الرجال.

إن الشارع الحكيم في تعامله مع أحكام النساء ضيق أسباب بروزهن الاجتماعي حتى منعهن من وسط الطريق (١)، وربط مصالحهن الخارجية بأوليائهن فلا تسافر إحداهن إلا مع محرم لها (٢)، وأعفاها عن المشاركة العبادية في الحياة العامة


(١) أخرج أبو داود في السنن (٤/ ٣٦٩) ٥٢٧٢، والطبراني في الكبير (١٩/ ٢٦١) ٥٨٠ من حديث أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليعلق بالجدار من لصوقها به». وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٥٢٧٢).
(٢) أخرج البخاري في صحيحه (٣٦٩٨) ١٠٣٨ من حديث أبي هريرة قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة أن تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة».

<<  <   >  >>