للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبَعرة على رأس الحول» قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حِفْشًا، ولبست شر ثيابها، ولم تمسَّ طيبًا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طائر- فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة، فترمي. ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره. سئل مالك: ما تفتض به؟ قال: تمسَحُ به جلدها. واللفظ للبخاري.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: «معناه لا تستكثرن العدة، ومنع الاكتحال فيها فإنها مدة قليلة، وقد خففت عنكن، وصارت أربعة أشهر وعشرا بعد أن كانت سنة، وفي هذا تصريح بنسخ الاعتداد سنة، المذكور في سورة البقرة في الآية الثانية (١)، وأما رميها بالبعرة على رأس الحول فقد فسره في الحديث. قال بعض العلماء: معناه: أنها رمت العدة، وخرجت منها كانفصالها من هذه البعرة، ورميها بها.

وقال بعضهم: هو إشارة إلى أن الذي فعلته، وصبرت عليه من الاعتداد سنة، ولبسها شر ثيابها، ولزومها بيتًا صغيرًا هين بالنسبة إلى حق الزوج، وما يستحقه من المراعاة كما يهون الرمي بالبعرة، قوله (دخلت حِفشا) هو بكسر الحاء المهملة، وإسكان الفاء، وبالشين المعجمة -أي: بيتًا صغيرًا حقيرًا قريب السُمك، قوله: (ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير- فتفتض به) هكذا هو في جميع النسخ، فتفتض، بالفاء والضاد، قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن معن الافتضاض فذكروا أن


(١) قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} البقرة: ٢٤٠.

<<  <   >  >>