للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (١).

{وَآتُوا النِّسَاءَ} إمّا خطاب لأولياء النساء؛ لأن العرب في الجاهلية لا تعطي النساء من مهورهن شيئًا، ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئًا لك النافجة: مال يأخذه الرجل من الحلوان إذا زوج ابنته، فنهى الله تعالى ع ن ذلك، وأمر بدفع الحق إلى أهله.

والقول الثاني: إن الخطاب للأزواج، أمروا بإيتاء النساء مهورهن؛ لأنه لا ذكر للأولياء ههنا، وما قبل هذا خطاب للناكحين وهم الأزواج. ولا مانع من حمل الآية على المعنيين، فخاطب الله كلا من الأزواج والأولياء بإيتاء النساء صدقاتهن (٢).

{صَدُقَاتِهِنَّ} أضاف الرب جل وعلا الصداق للنساء؛ وفيه دليل على تملك المرأة المهر بالعقد (٣).

• ثم عقب الرب جل ذكره الأمر بقوله: {نِحْلَةً} أي عطية من الله للنساء حيث أوجب المهور لهن، وحرم على الأولياء الأخذ منها إلا بطيب نفس من المرأة، وقيل في معنى نحلة: ديانة وشريعة، وقيل: طيبة بإعطائكم لهن نفوسكم (٤).

• وقوله {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} يقول الرازي: «معنى الآية: فإن وهبن لكم شيئًا من الصداق عن طيبة النفس، من غير أن يكون السبب فيه شكاسة أخلاقكم معهن، أو سوء معاشرتكم معهن، فكلوه، وأنفقوه، وفي الآية


(١) النساء: (٤).
(٢) ينظر: الكشاف (١/ ٥٠٢)، التفسير الكبير للرازي (٦/ ١٤٩)، تفسير أبي السعود (٢/ ١٤٣).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (١/ ٩٨).
(٤) ينظر: تفسير القرطبي (٥/ ٢٤)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٥٣).

<<  <   >  >>