للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل على ضيق المسلك في هذا الباب، ووجوب الاحتياط حيث بني الشرط على طيب النفس. فقال: فإن طبن، ولم يقل: فإن وهبن، أو سمحن، إعلامًا بأن المراعي هو تحافي نفسها عن الموهوب طيبة» (١).

• ثم أباح الله -بعد أن ضَيّقَ مسلك الأخذ، وقَنّن شروطه- الأكل وأكده بقوله: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} وهو مبالغة في الإباحة، وإزالة التبعة.

• وقال سبحانه: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (٢).

• وقد ذكر الرب في كتابه أن الرجل إن أراد تزوج امرأة بدل أخرى، وقد أعطى التي تحت يديه (قنطارًا) أي: مالًا كثيرًا، فلا يحل له أن يأخذ من القنطار شيئًا، وشيئًا نكرة تدل على العموم حتى لو كان يسيرًا فضلًا عن الكثير، فإذا نهى باذل القنطار عن الأخذ ما ظنك بما دونه (٣).

• ثم قال: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وهذا استئناف مسوق لتقرير النهي، والتنفير من المنهي عنه، والاستفهام للإنكار والتوبيخ، أي: أتأخذونه باهتين وآثمين، والبهت الكذب، والله تعالى فرض للمرأة المهر، فمن استرده كأنه يقول ليس ذلك بفرض فيكون بهتانًا، ويأثم على ما فعله إنما قد أبان الله أمر أخذه، بأنه


(١) التفسير الكبير (٦/ ١٤٩).
(٢) النساء: (٢٠ - ٢١).
(٣) ينظر: تفسير أبي السعود (٢/ ١٥٩).

<<  <   >  >>