للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأخذه بات لمن أخذه ظالم (١).

• ثم استفهم استفهامًا إنكاريًّا فقال: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} إنكار لأخذه إثر إنكار، وتنفير منه غِبَّ تنفير، وقد بولغ فيه حيث وجه الإنكار إلى كيفية الأخذ إيذانًا بأنه مما لا سبيل له إلى التحقق والوقوع أصلًا؛ {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} حال من فاعل {تَأْخُذُونَهُ} تأخذونه مفيدة تأكيد النكير، وتقرير الاستبعاد أي على أي حال تأخذونه وقد جرى بينكم وبينهن أحوال منافية له من الحلوة والجماع، فيكون المساق في معرض التعجب فقال: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} فلأي وجه، ولأي معنى تفعلون هذا؟ فإنها بذلت نفسها لك، وجعلت ذاقا لذاتك، وحصلت الألفة التامة والمودة الكاملة بينكما، فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئًا بذله لها بطيبة نفسه إن هذا لا يليق البتة. من له طبع سليم، وذوق رفيع (٢).

فتبين بهذا كله أن المهر حق خالص للمرأة لا يجوز أن يأخذ أحد منه شيئًا حتى تعطيه شيئًا منه طيبة به نفسها، وإلا أثم الآخذ إثمًا بينا.

ألا فليتق الله ولاة أمور النساء وأزواجهن من أكل أموالهن، فقد حرّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حق الضعيفين: المرأة واليتيم (٣)، فهل يطيب أن تأكل ما حرّم الله وحرّجه رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟!.


(١) تفسير الطبري (٤/ ٣١٤)، المصدر السابق.
(٢) ينظر: تفسير الرازي (١٠/ ١٤).
(٣) تقدم تخريجه ص (٥٢٦).

<<  <   >  >>