للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: حق العباد الخالص: وهو ما كان نفعه مختصًا بشيء معين، كحق الإنسان في ملكه الخاص، وحق الزوجة في النفقة (١).

والفرق بين حق الله تعالى الخالص، وحق العبد الخالص أنه لا يجوز لأحد أن يتنازل عن حقوق الله تعالى، فليس لأحد أن يحل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، وأما حق العبد، فله أن يتنازل عنه إذا شاء.

الثالث: ما اجتمع فيه الحقان، وحق الله فيه غالب: كحد القذف بعد رفع الأمر إلى الحاكم، إذ يجتمع فيه حينئذ حقان: حق العبد؛ لأنه المعتدى عليه بمساس عرضه، وحق الله لكون القاذف عصى الله، وأشاع الفاحشة، وكحق الزوجة في وجود المهر في النكاح فهو حق للمرأة ثابت بإيجاب الله تعالى.

ويظهر أثر تغليب حق الله على العبد في عدم جواز العفو من قبل المقذوف أو الصلح على إسقاطه، وعدم إمكانية نفي المهر ابتداء، بحيث لو اتفق طرفا العقد على عقد النكاح بغير مهر، وجب مهر المثل.

الرابع: ما اجتمع فيه الحقان، وحق العبد فيه غالب: كحق الزوجة في العدل في القسم، إذ هو حق ثابت لها بإيجاب الشرع، يقول تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٢) إلا أن حقها غالب هنا فلها أن تطالب بنصيبها في القَسْم، أو تتنازل عنه إن شاءت، كما فعلت أم المؤمنين سودة -رضي الله عنها-، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، فكان رسول الله لا يقسم لعائشة بيومها، ويوم سودة» (٣) وذاك حين كبرت سودة.


(١) ينظر: الموافقات، للشاطبي (٢/ ٣٧٨).
(٢) المائدة: (٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح، باب: المرأة تحب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك، واللفظ له (٥/ ١٩٩٩) ٤٩١٤، ومسلم في صحيحه في كتاب الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها (٢/ ١٠٨٥) ١٤٦٣.

<<  <   >  >>