للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفقة ولا سكنى (١).

وقد تقدم (٢) قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة».

ثم إن هذا الحكم موافق لما جاء في كتاب الله عز وجل قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٣).

فأمر الله سبحانه الأزواج الذين لهم عند بلوغ الأجل الإمساك والتسريح بألا يخرجوا أزواجهم من بيوتهن، وأمر أزواجهم ألّا يَخْرُجن، فدّل على جواز إخراج من ليس لزوجها إمساكها بعد الطلاق، فإنه سبحانه ذكر هؤلاء المطلقات أحكامًا متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض، وأشار سبحانه إلى حكمة ذلك، وأنه في الرجعيات خاصة لقوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} والأمر الذي يرجى إحداثه ها هنا: المراجعة، واقتضت حكمة أحكم الحاكمين، و أرحم الراحمين ببقاء الزوجة في بيتها لعل الزوج يندم، ويزول الشر الذي نزغه الشيطان


(١) أبو داود (٢/ ٢٨٦) ٢٢٨٦، وابن ماجه (١/ ٦٥٦) ٢٠٣٦، والترمذي (٣/ ٤٨٤) ١١٨، والنسائي (٦/ ٢٠٨) ٣٥٤٨، وانظر تفنيد ابن القيم للمطاعن الواردة على حديث فاطمة بنت قيس، فقد أفرده في زاد المعاد (٤/ ٥٢٨ - ٥٤٢) بمبحث نفيس، قلّ أن تجده عند غيره.
(٢) ص (٦٨٣).
(٣) الطلاق: (١ - ٢).

<<  <   >  >>