للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى هذا ذهب أحمد في المشهور عنه (١)، وأبو ثور (٢)، وأبو داود (٣) ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية (٤)، وتلميذه ابن القيم (٥).

واستدلوا بما أخرجه مسلم في صحيحه (٦) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة» فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني» قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم، خَطَباني. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد» فكرهته، ثم قال: «أنكحي أسامة» فنكحته، فجعل الله فيه خيرًا واغتبطت.

وأخرج -أيضًا- من طريق أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس أنه طلقها زوجها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان أنفق عليها نفقة دون، فلما رأت ذلك قالت: والله لأعلمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن كان لي نفقة أخذت الذي يصلحني، وإن لم تكن لي نفقة لم آخذ منه شيئًا. قالت: فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «لا نفقة لك ولا سكنى».

ووقع في رواية الجماعة إلا البخاري أنها طلقها زوجها ثلاثًا، فلم يجعل لها


(١) ينظر: المغني (٨/ ١٣٢)، المبدع (٨/ ١٩٢).
(٢) عزاه له ابن قدامة في المغني (٨/ ١٣٢)، والحافظ في الفتح (٩/ ٣٩٠).
(٣) ينظر: المحلى (١٠/ ٢٩١)، مختصر اختلاف العلماء (١/ ١٤٩)، المغني (٨/ ١٣٢).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٣/ ٣٣).
(٥) زاد المعاد (٤/ ٥٢٢).
(٦) كتاب الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (٢/ ١١١٤) ١٤٨٠.

<<  <   >  >>