للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن الطائر إذا أراد ضم فرخيه إليه للتربية خفض لهما جناحه، ولهذا السبب صار خفض الجناح كناية عن حسن التربية، فكأنه قال للولد: اكفل والديك بأن تضمهما إلى نفسك كما فعلا ذلك بك حال صغرك.

والثاني: أن الطائر إذا أراد الطيران والارتفاع نشر جناحه، وإذا أراد ترك الطيران، وترك الارتفاع خفض جناحه، فصار خفض الجناح كناية عن فعل التواضع من هذا الوجه.

الخامس: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} ولم يقتصر في تعليم البر بالوالدين على تعليم الأقوال، بل أضاف إليه تعليم الأفعال، وهو أن يدعو لهما بالرحمة، فيقول: رب ارحمهما، ولفظ الرحمة جامع لكل الخيرات في الدين والدنيا، ثم يقول: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، أي افعل بهما يا رب هذا النوع من الإحسان كما أحسنا إليّ في تربيتهما إيّاي، والتربية هي التنمية (١).

فانظر إلى مراعاة نفسيات الوالدين في الآية بالقول والفعل؛ واحرص على أن تحفظ باب الجنة، ولا تضيعه.

وقد خص الرب جل وعلا الأم بالذكر فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (٢).

يقول الشيخ السعدي: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} أي عهدنا إليه، وجعلناه وصية عنده، سنسأله عن القيام بها، وهل حفظها أم لا فوصيناه {بِوَالِدَيْهِ} وقلنا له: {اشْكُرْ


(١) ينظر فيما تقدم التفسير الكبير للرازي (٢٠/ ١٥٤).
(٢) لقمان: (١٤).

<<  <   >  >>