للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِي} بالقيام بعبوديتي، وأداء حقوقي، وأن لا تستعين بنعمي على معصيتي {وَلِوَالِدَيْكَ} بالإحسان إليهما بالقول اللين، والكلام اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما، وإجلالهما، والقيام بمؤونتهما، واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه بالقول والعمل، فوصيناه بهذه الوصية، وأخبرناه أن {إِلَيَّ الْمَصِيرُ} أي سترجع أيها الإنسان إلى من وصاك، وكلفك بهذه الحقوق فيسألك هل قمت بها، فيثيبك الثواب الجزيل، أم ضيعتها فيعاقبك العقاب الوبيل، وذلك السبب الموجب لبر الوالدين في الأم فقال {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} أي مشقة على مشقة، فلا تزال تلاقي المشاق من حيث يكون نطفة من الوحم والمرض والضعف والثقل وتغير الحال، وثم وجع الولادة ذلك الوجع الشديد {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} وهو ملازم لحضانة أمه، وكفالتها، ورضاعها، أفما يحسن من تحمل على ولده هذه الشدائد مع شدة الحب، أن يؤكَّد على ولده، ويوصى إليه بتمام الإحسان إليه» (١).

٢ - ما أخرجه البخاري (٢)، ومسلم (٣) من طريق أبي عمرو الشيباني قال: أخبرنا صاحب هذه الدار، وأومأ بيده إلى دار عبد الله، قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها» قال: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين» قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.

قال الطبري: «إنما خصّ -صلى الله عليه وسلم- هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها عنوان على ما سواها


(١) تفسير السعدي (٦٤٨).
(٢) كتاب الأدب، باب: البر والصلة، وقول الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (٥/ ٢٢٢٧) ٥٦٢٥.
(٣) كتاب الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (١/ ٨٩) ٨٥.

<<  <   >  >>