للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الزمخشري: «فإن كرهتموهن فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها، فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين، وأحمد، وأدى إلى الخير، وأحبت ما هو بضد ذلك، ولكن النظر في أسباب الصلاح» (١).

وقوله: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} علة للجزاء أقيمت مقامه للإيذان بقوة استلزامها إيّاه، كأنه قيل فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة، فلعل لكم فيما تكرهونه خيرًا كثيرًا، ليس فيما تحبونه؛ فإن النفس قد تكره ما هو أصلح في الدين، وأحمد عاقبة، وأدى إلى الخير، وتحب ما هو بخلافه، فليكن نظركم إلى ما فيه خير وصلاح دون ما تقوى أنفسكم (٢).

فالله تعالى أوصى الرجل بالعشرة بالمعروف حتى مع الكراهة، وعلّق سبحانه الخير الكثير على الصبر على من تكرهون من النساء إن كانت الكراهة من قبلكم دون تسبب للمرأة فيها.

وقلِّب بين معاني الآية بصرك، واملأ منها يدك، وروِّ من معينها قلبك، ثم انظر هل تقيم على وجدانك، أو تقر على عاطفتك فيما تكره من امرأتك؟ وما ظنك بأمر تكرهه ثم تظل على لجاجك فيه بعد أن مناك الله بالخير الكثير من ورائه؟ وأين ذلك من حسن الثقة، وتمام الإيمان بالله!

٢ - وحين تكثر المشاكل بين الزوجين، وتصل الأمور إلى منتهاها، وتستغلق الأزمة يأتي الحل الأمثل لمثل هذه الحياة بقول تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٣).

يقول ابن كثير: «{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} أي إذا طلقتها


(١) الكشاف (١/ ٥٢٢).
(٢) ينظر: تفسير أبي السعود (٢/ ١٥٨).
(٣) البقرة: (٢٢٩).

<<  <   >  >>