للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرج مسلم في صحيحه (١) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» ومن العدل أن يعطي حق الآخر كما يأخذ حقه، وإلا فالتطفيف فعله، وقد حذر الرب جل وعلا منه فقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (٢).

يقول ابن القيم: «وقد اختلف الفقهاء هل يجب على الزوج بجامعة امرأته، فقالت طائفة: لا يجب عليه ذلك؛ فإنه حق له فإن شاء استوفاه، وإن شاء تركه بمنزلة من استأجر دارًا إن شاء سكنها، وإن شاء تركها.

وهذا من أضعف الأقوال، والقرآن والسنة والعرف والقياس يرده، أما القرآن فإن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٣) فأخبر أن للمرأة من الحق مثل الذي عليها، فإن كان الجماع حقًا للزوج عليها، فهو حق على الزوج بنص القرآن، وأيضًا فإنه سبحانه وتعالى أمر الأزواج أن يعاشروا الزوجات بالمعروف، ومن ضد المعروف أن يكون عنده شابة شهوتها تعدل شهوة الرجل أو تزيد عليها بأضعاف مضاعفة، ولا يذيقها لذة الوطء مرة واحدة، ومن زعم أن هذا من المعروف كفاه طبعه ردًا عليه، والله سبحانه وتعالى إنما أباح للأزواج إمساك نسائهم على هذا الوجه لا على غيره فقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٤).


(١) كتاب الإمارة، باب: فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية … (٣/ ١٤٥٨) ١٨٢٧.
(٢) المطففين: (١ - ٣).
(٣) البقرة: (٢٢٨).
(٤) البقرة: (٢٢٩).

<<  <   >  >>