للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالت طائفة: يجب عليه وطؤها في العمر مرة واحدة؛ ليستقر لها بذلك الصداق، وهذا من جنس القول الأول، وهذا باطل من وجه آخر؛ فإن المقصود إنما هو المعاشرة بالمعروف، والصداق دخل في العقد تعظيمًا لحرمته، وتفريقا بينه وبين السفاح، فوجوب المقصود بالنكاح أقوى من وجوب الصداق.

وقالت طائفة ثالثة: يجب عليه أن يطأها في كل أربعة أشهر مرة، واحتجوا على ذلك بأن الله سبحانه وتعالى أباح للْمُوْلي تربص أربعة أشهر، وخير المرأة بعد ذلك إن شاءت أن تقيم عنده، وإن شاءت أن تفارقه، فلو كان لها حق في الوطء أكثر من ذلك، لم يجعل للزوج تركها في تلك المدة، وهذا القول وإن كان أقرب من القولين اللذين قبله، فليس بصحيح، فإنه غير المعروف الذي لها وعليها، وأما جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر فنظرًا منه سبحانه للأزواج، فإن الرجل قد يحتاج إلى ترك وطء امرأته مدة لعارض من سفر، أو تأديب، أو راحة نفس، أو اشتغال بهم؛ فجعل الله سبحانه وتعالى له أجلًا أربعة أشهر، ولا يلزم من ذلك أن يكون الوطء مؤقتًا في كل أربعة أشهر مرة.

وقالت طائفة: بل يجب عليه أن يطأها بالمعروف، كما ينفق عليها ويكسوها ويعاشرها بالمعروف بل هذا عمدة المعاشرة، ومقصودها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يعاشرها بالمعروف، فالوطء داخل في هذه المعاشرة ولابد قالوا: وعليه أن يشبعها وطْأً إذا أمكنه ذلك كما عليه أن يشبعها قوتًا، وكان شيخنا -رحمه الله- يرجح هذا القول ويختاره» (١).


(١) روضة المحبين (٢١٧).

<<  <   >  >>