للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتدافعان (١) حتى أتيا منزله.

قال النووي: « … فكره -صلى الله عليه وسلم- الاختصاص بالطعام دونها، وهذا من جميل المعاشرة، وحقوق المصاحبة، وآداب المجالسة المؤكدة» (٢).

فانظر إلى وفائه، ومراعاته -صلى الله عليه وسلم- لأهل بيته، فإنه امتنع عن إجابة الدعوة؛ لكون عائشة لم يؤذن لها في المشاركة، وتأمل حلمه على الفارسي، وتقديره للداعي حيث اعتذر عن استقبال عائشة مرتين، فامتنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإجابة دون أن يقرن امتناعه بتأنيب أو توبيخ على عدم استقبال أهله؛ لتقديره الأعذار أصحابه، وتأمل إصراره على مشاركة عائشة له الطعام؛ لطيب مرق الفارسي، ومنعه نفسه من هذا المرق الطيب حتى تشاركه زوجه، فصلوات ربي وسلامه عليه كم كان عظيمًا؟!.

١٠ - تواضعه -صلى الله عليه وسلم- لزوجاته:

أخرج البخاري في صحيحه في كتاب المغازي، باب: غزوة خيبر (٣) من حديث أنس بن مالك، وفيه قال: ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يحوي (٤) لها (أي: لصفية) وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب.

فانظر إلى تواضعه -صلى الله عليه وسلم-، وحنوه على أهل بيته، ولا غرو فقد خيّر بين أن يكون


(١) يتدافعان أي: يمشي كل واحد منهما في إثر صاحبه. ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٣/ ٢٠٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) (٤/ ١٥٤٢) ٣٩٧٤.
(٤) يحوي: بضم أوله، وتشديد الواو- أي يجعل لها حوية، وهي كساء محشوة تدار حول الراكب.
الفتح (٧/ ٤٨٠).

<<  <   >  >>